كشفت دراسة علمية حول العوامل البيئية وعلاقتها بتنمية الثروة الحيوانية في المناطق الصحراوية، أن الجمل هو صاحب التميز والتفوق اللانهائي على غيره من الحيوانات في ظروف البيئة الصحراوية. ورصدت الدراسة تميزه بـ15 ميزة عن باقي الحيوانات. وأول هذه المميزات كما يذكرها استاذ تغذية الحيوان بمركز بحوث الصحراء المصري الدكتور حمدي قنديل لـ«الشرق الأوسط» هي ان الشفة العليا للجمل مشقوقة طولياً والسفلى متدلية وتعملان معاً على التقاط الأجزاء الغضة من النباتات الشوكية، والثانية أن السطح الداخلي لفم الجمل مغطى بغشاء يحتوي على حلمات مخروطة الشكل تتجه إلى الخلف، وهو الأمر الذي يمكن الجمل من تحمل التغذية على النباتات الشوكية. اما الميزة الثالثة فهي أنه يوجد في سقف حلق الجمل طبقة مخاطية ناعمة تعمل على ترطيب الفم وتعتبر عاملا مساعدا يقلل من شعوره بالعطش، والرابعة وجود أنياب قوية وطولية وهو الأمر الذي يمكنه من الدفاع عن النفس.
والميزة الخامسة هي ان العينين واسعتان، وتغطيهما أهداب طويلة وذلك لحمايتهما من رمال الصحراء والعواصف الترابية، والسادسة، الأنف يبطنه من الداخل شعر كثيف والمنخران مزودان بعضلات قوية للتحكم في فتحتيهما واغلاقهما عند الضرورة، والسابعة تتمثل في وجود جيوب في الجزء السفلي من كرش الجمل تحاط فتحاتها بعضلات قوية، وهذه الجيوب تحتوي على سائل مخاطي، وقد وجد أن حجمها حوالي 7 لترات وكانت تسمى قديماً بأكياس الماء. وقد ساد الاعتقاد لفترة طويلة بأنها عبارة عن مخازن الماء في الابل وأنها تساعده على تحمل العطش لأيام طويلة، ولكن ثبت عكس ذلك نظراً لطبيعة السائل الموجود بها والذي يماثل اللعاب في تركيبه، ومن المحتمل أن هذه الجيوب تلعب دوراً أساسياً في امتصاص نواتج التخمر الناتجة عن الكرش، أو هي أكياس مساعدة لافراز الغدد اللعابية. ومازالت الدراسات العلمية لم تقطع بعد بالوظيفة الرئيسية لهذه الجيوب.
ويذكر الدكتور حمدي أن الميزة الثامنة للجمل هي الرقبة الطويلة (حوالي 155 سم) وهي ميزة تمكنه من التغذية على الأشجار المرتفعة، والتاسعة: وجود السنام كمخزن للمواد الدهنية الزائدة عن حاجة الجمل ويستخدم هذا المخزون الدهني عند النقص الغذائي. اما الميزة العاشرة فهي وجود الوسائد، وهي قطعة جلدية خشنة ومتينة تساعد الجمل على تحمل الصدمات لكونه حيوانا ضخما ويمكنه البروك بمساعدة الوسائد دون أضرار. والميزة الحادية عشرة: وجود الخف، وهو مفلطح واسفنجي ومغطى من أسفل بقطعة جلدية صلبة ويزداد حجمها عند السير الأمر الذي يساعد الابل على عدم الغوص في الرمال، والثانية عشرة: أن الجمل يستطيع أن يغير درجة حرارة جمسه، ففي الصباح الباكر تكون بين 34 ـ 35 درجة مئوية، تزداد عند الظهيرة لتصل إلى 40 ـ 41 درجة مئوية بزيادة قدرها 6 درجات مئوية عند عدم توافر الماء. وتصل الزيادة في درجة حرارة الجسم تحت نفس الظروف السابقة إلى درجتين مئويتين فقط عند توفر ماء الشرب، فإذا كانت درجة حرارة الجسم ثابتة فانه يلزم بالطبع احداث تبخير للتخلص من الحرارة الزائدة ، وفي هذه الحالة تزداد حاجة الجمل لمزيد من ماء الشرب وبالتالي فإن ارتفاع درجة حرارة الجسم عند عدم وجود الماء يمكن الجمل من تحمل الظروف القاسية للبيئة الصحراوية.
ويوضح حمدي أن الميزة الثالثة عشرة أن الجمل يمتلك أقوى كلى بين الأنواع الحيوانية قاطبة مما يجعله يقوم بالمحافظة على ماء الجسم عن طريق تركيز البول، أما الميزة الرابعة عشرة: فهي طول الأرجل وهي ميزة تساعده على السير لمسافات طويلة وتعمل على أبعاد الجسم بقدر الامكان عن الاشعاع الحراري المنبعث من الأرض، أما الميزة الأخيرة: هو أن الجمل يفقد 30% من وزنه ماء دون أن تتأثر نسبة الماء الموجودة بالدم، ولذلك فإن الابل تعد من أنسب الحيوانات لظروف المناطق الصحراوية حيث أنها في اتزان دائم مع البيئة وذلك لمقدرتها على السير لمسافات طويلة وتنوع مصادر غذائها وتحملها للعطش والنقص الكمي والنوعي للغذاء وغير ذلك من مصادر التأقلم الفسيولوجي.
ويؤكد الباحث أن الابل تتمتع أيضاً بمقدرة فائقة في شرب كميات كبيرة وبسرعة، حيث يشرب ما بين 10 ـ 15 لتر ماء في الدقيقة الواحدة وأنه يستطيع اذا تعرض للعطش أن يشرب ما يعادل ثلث وزن جسمه مرة واحدة، وأنه أمكن في مصر تسجيل أطول فترة تعطيش لابل وبلغت 4 أسابيع بدون ماء في موسم الشتاء. وقد وجد أن الابل تتحمل العطش بصورة أفضل وكفاءة أعلى من تحملها للجوع. مشيراً إلى أن الابل في مصر لم تلق الاهتمام المطلوب نتيجة للمقارنات الانتاجية غير العادلة بين الابل وغيرها من حيوانات المزارع الأخرى، دون الوضع في الاعتبار الظروف البيئية لمناطق انتاج كل منها مما أدى إلى اهمال قدرات الابل كمصدر لتطوير الموارد الغذائية لسكان الصحراء في مصر