الفقر والمال في ولاية مساحتها تفوق أراضي فرنسا
بلديات بميزانية "سعر سيارة" وأخرى تغرق في الثراء بإيليزي
المداخيل الكبيرة ليس بالضرورة مقياسا للتطور في بلديات ولاية إيليزي، فالأرقام تكشف بوضوح صحة هذه القاعدة على أرض الواقع فهذه المنطقة التي تضم ست بلديات نصفها تدخل في خانة البلديات الغنية وهي برج عمر إدريس، الدبداب وعين امناس، وثلاث بلديات تصنف ضمن البلديات الفقيرة جدا وهي بلديات إيليزي مقر الولاية وجانت وبرج الحواس، أو ما يعرف ببلديات جنوب الولاية.
تكشف المعطيات الاقتصادية بالولاية أن إجمالي سكان البلديات الغنية حسب إحصاء 2008 يقدر بـ16314 ساكن، بينما 38180 هو عدد سكان البلديات الفقيرة، ما يعني أن البلديات الموصوفة بالغنية تضم في مجملها 42 من المائة فقط من السكان، في حين تضم باقي البلديات الواقعة في الجهة الجنوبية بالولاية، أو البلديات العاجزة 58 من المائة من مجموع الأهالي، لكن الأرقام الصادمة فعلا تتجلى في إيرادات الجماعات المحلية ذات المنشأ الجبائي بالنسبة للبلديات الغنية آو ما يصطلح عليها بالبلديات البترولية الواقعة شمال الولاية تكشف التقديرات المتوقعة من حيث المداخيل في ميزانية البلديات للعام القادم 2012 ما يتجاوز 275 مليار سنتيم للبلديات الستة للولاية، و261 مليار سنتيم منها هي مداخيل بلديات برج عمر إدريس، الدبداب، وعين امناس، ما يعني أن أكبر ثلاث بلديات من حيث عدد السكان وهي إيليزي وجانت وبرج الحواس تتقاسم 13.9 مليار سنتيم فقط كمداخيل للسنة القادمة وأغلب هذه الإيرادات لا علاقة لها بالجباية البترولية بسبب غياب أي نشاط بترولي بالجهة الجنوبية للولاية، وبالمقارنة يتبين الفرق الشاسع بين بلديتي الدبداب التي بلغت ميزانيتها 104 مليار سنتيم، وبرج الحواس التي بلغت مداخيلها 375 مليون سنتيم ولا تكفي حتى لاقتناء سيارة رباعية الدفع ذات نوعية، لكن رغم ذلك تفيد القراءة السوسيو اقتصادية أن البلديات الفقيرة بولاية إيليزي أفضل حالا من البلديات الغنية من حيث الإطار العام لحياة المواطن بالولاية، حيث تطرح بقوة نوعية التسيير في قاموس بلديات شمال الولاية لاعتبارات عديدة، وإلا كيف يفسر المواطن البسيط ببلدية برج عمر إدريس أو الدبداب أو عين امناس التدهور الواضح حتى لمفهوم التمّدن في تلك المناطق بسبب التدهور في الإطار العام للحياة الذي يتسم بنقائص فادحة في الكثير من الضروريات والمرافق في مختلف المجالات، انطلاقا من مياه الشرب إلى ضعف الأداء في الخدمات العامة، إلى تدهور المرافق وغياب التهيئة الحضرية وإهتراء الشبكات المختلفة رغم أنها تدخل ضمن العمليات والمشاريع التي يخول التشريع الساري المفعول التكفل بها من طرف البلديات ضمن ما يعرف بمدونات المخططات البلدية للتنمية، حيث يندهش المواطن من غياب الكثير من مؤشرات وحتى "ملامح" المدن الغنية بتلك المنطقة، والتفسير الوحيد لهذه التناقضات والتباين الكبير في تسيير البلديات المستفيدة من الريع البترولي هو العجز في توظيف المداخيل الكبيرة في وجهتها الصحيحة بسبب النقص الكبير في مؤهلات التسيير الراشد.