رئيس المجلس الشعبي الولائي يروي "للشروق" تفاصيل الحادثة
طلبت من المسلحين تصفيتي بالرصاص وإطلاق سراح الوالي فرفضوا
علي ماضوي الوالي تم تحريره أمس في الأرضي الليبية وسيارة المختطفين تحمل شعار الله أكبر
"الثقة.. هي التي جرتنا إلى هذا الوضع"، "أحس بالذنب وتأنيب الضمير، كوني أنا من أقنعت الوالي بالذهاب إلى هنالك"، "لا أصدق أننا على قيد الحياة".
بهذه العبارات بدأ السيد علي ماضوي، رئيس المجلس الشعبي الولائي لإليزي الذي هرب من المختطفين، حديثه للشروق، وكشف أن الأحداث الأخيرة التي وقعت في منطقة الدبداب بسبب الحكم الصادر ضد البعض من عائلة "غدير" تطلبت منه كمسؤول سابق برتبة وال بنفس الولاية وممثلا للشعب بلعب دور الوسيط لحل الأزمة، قائلا لقد سعيت في خطوة لإخماد نار الفتنة، لكني وجدت نفسي ملاحقا، ولولا رعاة الإبل الذين كانوا يجمعون الحطب لمُت أنا وسائق الوالي، ليشرع في سرد قصة الاختطاف، موضحا "اتصل بي بعض عقلاء وشباب الدبداب قصد مساعدتهم في ترتيب لقاء مع الوالي، ونزولا عند رغبتهم وعبر وسطاء من بينهم أخي الذي يشغل نائب رئيس المجلس الشعبي بالدبداب ونائب مدير الضمان الاجتماعي وكذا المسمى غدير يوسف ممثل أسرة المحكوم عليهم، وقد أبلغت الوالي الذي وافق بشروط من بينها عودة الحياة للمنطقة وفتح المقرات الرسمية وإزالة المتاريس وكل مظاهر الاحتجاج فأبلغتهم بالشروط، في البداية رفض المحتجون، لكن بعد عدة تدخلات وافقوا وشرعنا في ترتيب الرحلة.
التقيت صباح الاثنين بالوالي في مقر الديوان، وكان مرفوقا بمسؤول التشريفات وسائق سيارة الولاية رباعية الدفع، لم أشاهد حراس الأمن ورتل السيارات المعتاد عليه في مثل هذه الخرجات الميدانية، ففهمت أن المسؤول لا يرغب اعطاء الزيارة طابعا رسمميا حتى يدخل يطمئن سكان المنطقة، ثم اتجهنا للدبداب في الساعة السابعة صباحا، وصلنا في الحادية عشرة، وفي الاجتماع تحدث الوالي بصراحة كبيرة، وقال أنه سوف يبذل كل ما في وسعه من أجل حلحلة الأزمة ورفع انشغالاتهم للسلطات العليا بخصوص المحكوم عليهم من عائلة غدير، وقد تفهم الجميع الموقف وخرجوا من القاعة بقناعة كبيرة بعد إفراغ ما في جعبتهم، حينها همس في أذني المسؤول الأول للتدخل، فذكرت بما حدث وطلبت من الشباب الصبر والتروي، وقد تفهم الكل بحكم مكانتي بينهم، ثم غادرنا القاعة تحت مظاهر الفرح والبهجة، ولم نكن ندري مصيرنا في ذلك اليوم المشؤوم، كنت قبل هذا اللقاء قد رفعت إلتماسا لفخامة رئيس الجمهورية أشرح فيه موقف عائلة غدير من الصراع في ليبيا، وأن أبناءهم ضحية لا غير، وينبغي الصفح عنهم.
العودة في اتجاه مجهول
عقب الانتهاء من الاجتماع، تناولنا وجبة الغداء، وعزمنا العودة إلى إيليزي مجددا في حدود الساعة الثانية مساء، الأمور كانت طبيعية، وكان الوالي مصرا على العودة مبكرا قصد الاتصال بالسلطات المركزية ورفع تقرير حول الاجتماع، وبينما كنا في السيارة المجهزة من طرف الولاية حتى ردد السائق عبارة "سيارة... سيارة تحاول تجاوزنا.."، وفي تلك اللحظة شاهدنا مركبة من نوع "ستايشن تويوتا" عليها شعار "الله أكبر"، وهي تقترب منا في نفس الاتجاه، من الجهة اليمنى، حيث وجه صوبنا أحدهم سلاح رشاش من نوع كلاشينكوف مما أجبرنا على التوقف بعد دقائق فقط، ونزل ثلاثة شبان تمكنت من معرفتهم، لأن وجوههم مكشوفة، اثنان ينحدران من منطقة الدبداب، في الثلاثين من العمر، عدا الشخص الثالث هو السائق، وكان ملثما ويتحاشى النظر في وجهي، وقد يكون يعرفني جيدا، طلبوا منا الإنبطاح وجردونا من هواتفنا النقالة وجميع الأغراض، وكان مطلوبا منا السلاح إلا أننا كنا مجردين، ثم وضعونا في مؤخرة المركبة المكشوفة، وانطلقت السيارة بسرعة جنونية في قلب الصحراء في إتجاه الأراضي الليبية، كوني أعرف الصحراء جيدا، وابن المنطقة، أحدهما إمتطى سيارة الولاية وكان يراقب الوضع من الخلف، قلت للوالي والبقية نحن سنموت ولا بد من تدبر الوضع، وعليه قررنا بموافقة الجميع خوض مغامرة لا رجعة فيها بعد أن رفض المختطفون الإفراج عن الوالي رغم إلحاحي بأخذي مكانه وقتلي وتصفية جميع أفراد أسرتي إن أرادوا ذلك.
مخطط الانقضاض على المختطفين
في الوقت الذي كانت سيارة الاختطاف تسير بسرعة كبيرة، وتتخطى العرق الكبير 30 كلم عن مكان الاختطاف، قلت للجماعة أن هذه الطريق بها واد يسمى تمسيت، وبعد التقليل في السرعة لا بد من محاولة الفرار، وكلفنا المسؤول عن التشريفات بالانقضاض على السائق بعد أن تقدمت السيارة الخلفية التي كانت تراقبنا إلى الإمام، وبعد وصول منحدر الوادي، اندفعت نحو نافذة مرافق السائق الذي كان يحمل السلاح، مما مكنني من الإمساك به بقوة باليد اليمنى وبقائي في وضعية العالق باليد اليسرى، في حين خرقت بعض الرصاصات سقف السيارة، ومنه وجدت نفسي أتدحرج أرضا، ولحق بي سائق سيارة الولاية وسقوط مسؤول التشريفات من الجهة الثانية، فيما لازم الوالي مكانه مما مكن الخاطفين مواصلة طريقهم نحو أراضي ليبيا"، "لقد رأينا الموت بأعيننا والحمد الله".