في وقت تسعى الدولة إلى توفير وسائل وظروف الاستقرار للإطار الطبي بولايات الجنوب الكبير ومنها بولاية إيليزي، لا يزال مشكل الحركة وطلب التحويل وحتى الاستقالات بهدف التنقل للعمل في الشمال يصنع أكبر التحديات التي تواجه القطاع خلافا لكل الأهداف المرجوة والتي تسعى وزارة الصحة الوصول إليها من خلال توفير ظروف الاستقرار للإطارات والأطباء.
ففي الوقت الذي أشرفت مديرية الصحة بولاية إيليزي خلال السنة الفارطة على استغلال المناصب الممنوحة بعنوان مخطط تسيير الموارد البشرية لسنة 2011 بما في ذلك المناصب التي تندرج تحت ما يعرف بمناصب "منتوج التكوين"، إلا أن الولاية شهدت خلال نفس السنة مغادرة عدد كبير من الموظفين من إداريين وتقنيين وبالأخص تحويلات الأطباء التي بلغت هذا العام 18 حالة في سلك نفسه فقط غادروا الولاية، هذا فضلا عن صنف شبه الطبيين ورتب أخرى وهو رقم مهم بالنظر إلى حجم المنطقة واحتياجاتها من التأطير.
وقد كان لهذه الحركة والخروج أثر سلبي على السير الحسن لمختلف المصالح بالمرافق الصحية باعتراف مسؤولي القطاع أنفسهم.
ويرجع القائمون على قطاع الصحة تنامي ظاهرة الخروج وطلب التحويل وحتى الاستقالات في القطاع إلى عدة أسباب، منها المرتبطة بظروف الحياة إجمالا، وتطبيق القوانين الأساسية للقطاع واستفادة معظم الأسلاك من مخلفات الرواتب والأجور والتضاؤل الكبير في الفارق بين المرتبات في الولايات الشمالية والجنوبية بسبب التأخر في مراجعة المنح المتعلقة بالجنوب والمنطقة وكذا وفرة المناصب عبر كامل الولايات خلال السنوات الأخيرة بسبب التدابير الحكومية التي تستهدف امتصاص البطالة وسط عمال القطاع، وكلها ساهمت في نزيف حاد للإطارات الطبية وشبه الطبية والإدارية في القطاع الصحي، في وقت تسعى وزارة الصحة إلى تحقيق أهداف مختلفة من وراء تثبيت الأطباء في المناطق الصحراوية .
يحدث هذا في الوقت الذي لا يزال فيه اختصاص الطب مستعصيا على أبناء الولايات الجنوبية من طلبة الجامعات لسد الفراغ المسجل كون عدد الملتحقين بالتخصص المذكور يعدون على الأصابع وهو ما انعكس على الواقع الصحي بالجهة، وإن وجد عدد من هؤلاء فهم أيضا يفضلون ولايات الشمال للعمل فيها ويرفضون العودة إلى مسقط رأسهم سيما أطباء التخصص .