محمود درويش
محمود درويش (1941م - ). شاعر فلسطيني يُعد من أبرز شعراء المقاومة الفلسطينية. ولد في قرية البروة التي تقع قريبًا من عكا. لجأ مع أهله إلى لبنان وهو في السابعة من عمره بعد أن احتل اليهود قرية البروة عام 1948م. وبعد عام، عاد إلى فلسطين وسكن في قرية تسمى دير الأسد لاجئًا في بلاده. أحب الشاعر القراءة والرسم منذ الصغر، وعمل فيما بعد مدرسًا. دخل السجون الإسرائيلية أكثر من مرة. كانت المرة الأولى سنة 1961م. ثم كانت الثانية عام 1965م. وسجن مرة ثالثة عندما ألقى قصيدته نشيد الرجال في أمسية شعرية في الجامعة العبرية. وما بين 1965-1967م سجن الشاعر بتهمة النشاط المعادي لإسرائيل. وذاع اسم محمود درويش كشخصية عربية نضالية ضد الاحتلال الإسرائيلي. وفي سنة 1969م، اعتقل للمرة الخامسة بعد أن نسف الفدائيون عدة بيوت في حيفا وبعدها أصبح الشاعر عرضة للاعتقال بعد أي تدبير صهيوني مما أدى إلى نفيه خارج وطنه. تنقل الشاعر بين العواصم العربية والأجنبية واستقر به المقام أخيرًا في بيروت التي لم يتركها إلا في أعقاب الاجتياح الإسرائيلي لها عام 1982م.
تميز الشاعر عن أترابه من شعراء الأرض المحتلة، بغزارة الإنتاج وبساطة العبارة وشمولية المضمون، وعمق الفكرة. وهي خصائص لم يتفرد بها عن إخوانه الشعراء الفلسطينيين المنفيين داخل الوطن فحسب بل هي خصائص ميزته في مسيرة حركة الحداثة الشعرية أيضًا والتي يُعد درويش من أهم رموزها وأعلامها. أصبح درويش ظاهرة مميزة في حركة الحداثة الشعرية العربية. وقد توصل إلى مرحلة جعلته في مصاف الشعراء العالميين.
مرَّ عطاء درويش الشعري عند بعض النقاد بمراحل عديدة. ففي المرحلة الأولى، كان الشاعر متمثلاً شعر غيره من الشعراء الكبار وفي هذه المرحلة، صدر ديوانه عصافير بلا أجنحة (1960م)، وتتمثل المرحلة الثانية بديوان أوراق الزيتون (1964م)، وفيها يظهر للعيان اتساع مخزون درويش من المقروءات الشعرية. ويلاحظ أن شعر درويش في هذه المرحلة قد اتسم بالنضج وركن للتطور، فهو يبدو أكثر رقة وأقل مباشرة وابتعد فيه الشاعر عن الخطابة والصوت الصاخب المرتفع، ومن أهم قصائده في هذه المرحلة قصيدته التي يقول فيها:
سجل أنا عربي
ورقم بطاقتي خمسون ألف
وأطفالي ثمانية
وتاسعهم سيأتي بعد صيف
فهل تغضب؟
والمرحلة الثالثة تمتد من عام 1966م إلى 1970م وفيها أخرج درويش إلى النور أربعة دواوين، هي عاشق من فلسطين؛ آخر الليل؛ العصافير تموت في الجليل؛ حبيبتي تنهض من نومها. وتعتبر هذه المرحلة الأخيرة من شعر درويش داخل الأرض المحتلة. وتُعد المرحلة الرابعة هي الأكثر غنى وتميزًا عن المراحل الأخرى ويمثل هذه المرحلة ديوانه أحبك أو لا أحبك؛ محاولة رقم 7؛ تلك صورتها؛ وهذا انتحار العاشق. والمرحلة الخامسة هي مرحلة الغنائية الملحمية التي ابتدأت بديوان أعراس، وامتدت حتى ديوان لماذا تركت الحصان وحيدًا، وتخللها ديوانا حصار لمدائح البحر؛ أغنية ... هي أغنية.
وصل الشاعر انعطافة مهمة لا على المستوى الفلسطيني بل على المستوى العربي ومنه إلى المستوى العالمي. وفي هذه المرحلة نلاحظ في شعر درويش اللجوء إلى القصائد الطويلة ذات البناء الشعري المسرحي. والمرحلة السادسة يمثلها ديوانه لماذا تركت الحصان وحيدًا وهي الفترة التي فتر فيها حماس محمود درويش وتغيرت فيها علاقته بالشعر. فأصبح شعره ممعنًا بالذاتية والبكاء والحزن. وعاد درويش شاعرًا غنائيًا مع اهتمام باللغة والشكل مع البعد الفلسفي. ويلاحظ أن الشاعر في هذه المرحلة يهتم بقصيدة النثر إيمانًا منه بضرورة التعايش بين كل أشكال التعبير الأدبي والشعري.