ابني الشاب، ابنتي الفتاة، نصيحة مشفق: جرِّب الحياة، واعرف الدنيا، حلوها ومرّها، وحقّها وباطلها، وشرّق فيها وغرّب.. والله لا نجاة لكم في بحر الأهوال إلا بركوب سفينة رسول الهدى محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم؛ فلا يخدعنّكم أحد بزخرف من القول وباطل من الحديث، ولا يغرنّكم متحذلق متشدّق متفيهق باسم حريّة المعتقد وحريّة الأديان وحرية الرأي وحرية التفكير والكفر والتنوير؛ فتعرضوا عن سرِّ سعادتكم ومفتاح شرفكم وباب نجاتكم ونجاحكم.. والله ليس لكم إلا الصلاة عاصماً من الهم والغم والكدر وتأنيب الضمير وضيق الصدر. لقد لقيتُ شباباً في الشرق والغرب، بعضهم كان منغمساً في النعيم الدنيوي والترف المادي، لكنه فكَّر في الانتحار؛ لأنه كان يعيش بلا إيمان ولا صلاة ولا تسبيح، وقال أحدهم: فأدركتُ بعدما عدتُ إلى رحاب رحمة الله الواسعة معنى قوله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً}؛ فعرفتُ أن القصر والسيارة الفاخرة والذهب واليخت بل الدنيا كلها لن تشرح صدري، ولن تُسعد روحي وأنا بعيدٌ عن الله وعن عبادته.
إن أخوف ما أخاف على شبابنا وفتياتنا موجة التّشكيك الهدّام لمعتقدهم ورياح الإلحاد التي تحمل السموم والهموم، وتنخر في قلوب الجيل الصاعد. كم رأيتُ من شاب يحدثني بعدما عاد إلى المسجد والدموع تنهمر على خدّه وهو يعلن أنه وجد الرضا والسكينة والأمن الداخلي والمصالحة مع الله ثم مع النفس والناس. أين نجد الأمن إذا لم نجده عند الله في سجدةٍ خاشعة، أو دمعةٍ صادقة، أو تسبيحة موحية أو تلاوة متدبّرة؟ أين نجد السعادة إذا فررنا من الله؟ أين نجد العز إذا هربنا ممن له ملكوت السماوات والأرض، صاحب العَظَمة والكبرياء، لا إله إلا هو؟ أين نجد الملاذات الآمنة المطمئنة في عالمٍ كلّه غابة، القوي يعدو على الضعيف، والكبير يلتهم الصغير، والغني يتجاهل الفقير؟ كلما وجدتُ شاباً يصلي ويُسبِّح ويتعاهد المسجد علمتُ أنه عرف الحقيقة، وركب سفينة النجاة، ودخل باب القبول.. كلما وجدتُ شاباً معرضاً لعبت به شياطين الأنس والجن عرفتُ أنه يعيش الحيرة والاضطراب والعذاب الأليم والنكد والشقاء.