خرجت من العالية بعد صلاة الظهر يوم الثلاثاء 14/12/2010 رفقة صديق لي عبد القادر غبايشي على متن سيارته الخاصة حيث وصلنا الى مدينة تقرت بعد صلاة العصر وجدت نفسي أمام سكن الوالدة فسلمت عليها وبقيت أدردش معها الى أن وصل أخي عبد القادرفسلم علي وسامت عليه
وأثناء تناول وجبة العشاء قلت له أني أنوي زيارة صديق لي بدائرة انقاوس الأخ الطاهر غزال لكنني متردد ولم أجزم بعد فقال لي سمعت المكالمة الهاتفية التي كانت بينك وبينه وعرفت بأنك متردد فعلا لكن أنصحك بعدم التردد والمضي في ما أنت قادم عليه وذكرني بقول من الأقوال الحكمية قائلا:
أرى أن ركود الماء يفسده ، فشجعني على السفر، فصليت صلاة الصبح بمعية والدتي واستأذنتها وأعلمتها بأني سأسافرفأذنت لي ودعت لي بالخير، ودعتها وخرجت الى محطة سيارات الأجرة القريبة من المنزل فأخذت سيارة واتجهت نحو محطة المسافرين الدخلية وامتطيت حافلة بسكرة على الساعة السابعة من يوم الأربعاء 15/12/2010 والتي أقلعت في حدود الساعة السابعة والربع تتلوى بين شوارع مدينة تقرت المهترئة وكأنها غير معبدة ، وفي حدود الساعة العاشرة والنصف وصلنا الى مدينة بسكرة عروس الزيبان جميلة البنيان بطرقها المعبدة وبجسورها المعلقة وبتمورها المعروضة للبيع في محطة المسافرين وغيرها ، وفي حدود الساعة العاشرة والنصف ركبت سيارة أجرة الى دائرة انقاوس مرروا ب بريكة وفي طريقنا تشاهد جمال الطبيعة من جبال وهضاب وأودية وإخضراربالإضافة الى المعروضات على حافتي الطريق من أواني وتحف خزفية براقة وتمور وخضر وفواكه ، وترى أنواعا من السحب المتقطعة بألوانها الرمادية على ارتفاع منخفض تغطي سفوح الجبال بضلالها وكأنها تحتضنها لتسلم عليها وما أن وصلنا الى مدينة انقاوس في حدود الساعة الحادية عشر وأربعين دقيقة حتى تغطت السماء كلها بالسحب وبدأت ترسل قطرات من رذاذ المطر وكأنها دموح الفرحة بمقدمي لأول مرة ضيفا على هذه المدينة لتستقبلني فحمدت الله وأعلمت صديقي بوصولي الى المدينة وبقيت أنتظر في مكاني وأتفقد كل الجهات الأربع ومن أين يطل صيقي وما
هي إلا لحظات حتى تراءى لي من بعيد وعرفته من مشيته وهيأتته وهندامه الأنيق والجميل فوقفت مستعدا لوصوله فسلمت عليه وسلم علي سلاما حارا ثم إتجهنا نحو مسكنه العائلي فوجدت الغداء في انتضاري ، وبعد الدردشة وبعد صلاتي الظهيرة والعصر إستأنفنا حديثنا عن أحوال البلدة وما تشتمل عليه من مرافق حيوية ومنتوجها الفلاحي مثل الزيتون والمشمش والخضر والفواكه ، وكذا أصل سكانها وتاريخ المنطقة المتواتر والمكتوب ، وبعد صلاة المغرب إتجهنا مشيا على الأقدام نحو أصهارصديقي السيد بن يوسف حيدر وزوجته وأبنائه وبناته الذين إستقبلوننا أيما إستقبال وبكل حفاوة بالغة وكرم الضيافة حيث تناولنا وجبة العشاء معا وكلهم غبطة وبهجة وفرح وسرور، فلهم مني كل التقدير والإحترام ، وعلى ما يبدو ومن خلال مارأيت فإن المرأة النقاوسية تهتم كثيرا كثيرا بنظافة البيت يوميا وغسل أرضيته بالماء والصابون وتعطيرها أما واجهات المنازل فكلها مزينة يطل منها القارص والتفاح والبرتقال ومسك الليل المعطر رغم أنه لا توجد العواصف الرملية مثل ما هو عندنا في صحرائنا ، كذلك تجد المرأة النقاوسية تعتني كثيرا بجمالها وهندامها وتصرفاتها المتمثلة في سحرالكلام الحلو الطيب الذي يشد نظر زوجها إليها والتي تود منه ألا يغيب عنها ولا تغيب عنه طرفة عين مما لا يدع مجالا للتفكير في تعدد الزيجات مطلقا، وكذلك الرجال يظهرون بلباسهم الأنيق والجميل والنظيف والمتناسق والجذاب بالإضافة الى التعامل الجيد والخلق الحسن ، فلا تسمع الكلام السوقي النابي الخارج على حدود اللياقة ولا ترى القمامات على مداخل العمارات والسكنات ، ولكن ترى الجمال والنظافة والخلق الحسن والإخضراروالمطر والثلج وابتسامة الشمس بين الفينة والأخرى مرسلة خيوط أشعتها الذهبية الدافئة في غير حر حارق ، وترى الأرصفة نظيفة وعلى حافتي الطرقات أشجار التوت ولا ترى الطرق المهترئة فكلها جمال في جمال ، ولقد حصل لي الشرف أن صليت صلاة الجمعة في مسجد سيدي قاسم الجميل والجيد والنظيف والذي به إمام فوق المستوى والذي وجدته يلفظ عبارة ::: الحجرالمغصوب من الدار رهن خرابها::: فأعجبني هذا القول وسارعت الى نسخه في كناشي قبل نسيانه وها أنا ذا أنقله إليكم بكل أمانه ، وفي الغد كان غداؤنا عند أحد أصدقاء صديقي السيد بوغرارة عمارالطيار المتقاعد سائق الهيلوكبتربورقلة الناحية الرابعة ولقد شارك في عملية إنقاذ العالقين أثناء نكبة مدينة المغير سنة 1969 وإسعافهم وتوصيل المؤن اليهم وتلبية حاجياتهم ، كما أنه كان رئيسا للمجلس الشعبي البلدي لمأموريتين وهو لايزال ناشطا الى حد الساعة رغم أنه من مواليد سنة : 1943 وهو يمارس حرفة التجارة في متجر لأنواع الروائح وما يتبعها ، وهو رجل طيب ومثقف ويتقن جيدا اللغة الروسية والإنجليزية والفرنسية بالإضافة الى العربية ، ولقد أكرم وفادتنا فله منا كل التقدير والإحترام ونتمنى له كل الخير لزوجته وأولاده وهو مشكور
بقيت أسبوعا مع صديقي بدائرة انقاوس نزور أصدقاءه ومعارفه وبعض أحياء المدينة ، والآن أعرفكم على عائلة أصهار صديقي وهم :
- السيد بن يوسف حيدرإطار متقاعد من دائرة اماوس وأبناؤه هم
- حسان ، نسيم ، عبد الكريم ، وكلهم إطارات .
كما تعرفت أيضا على بعض الشخصيات أذكر من بينهم :
- السيد معامير جموعي مدير إبتداية متقاعد وهو حاليا صاحب مكتبة.
- السيد حناشي نعمان مدير إبتدائية متقاعد .
- السيد لغوارة يحيى رجب خال زوجة صديقي إطار متقاعد من الدائرة له صلة بتاريخ المنطقة
لكن للأسف لم أجد عنده الكتاب الخاص بتاريخ المنطقة ولم يكن لدي متسع من الوقت .
وأخيرا صديقي السيد غزال الطاهر هو من بلدة العالية وتزوج ثانية من انقاوس وهو يقيم بها حاليا وهو من أعيان البلدة وسوف أقوم إن شاء الله في المرة القادمة بتقديم مقالة علن حياته وسيرته الذاتية وأعماله ، وفي صبيحة يوم الثلاثاء 21/12/2010 وبعد صلاة الصبح ودعت صديقي وشكرته على حسن الضيافة والكرم وعدت الى مدينة تقرت التي وصلتها في حدود الساعة الحادية عشر وخمسين دقيقة .