كان اليوم يوم السبت صباحا من أيام شهر نوفمبر الباردة، ولم تكن
عندي دراسة حتى الساعة الواحدة زوالا، انطلقت إلى الجامعة باكرا
وفي حقيبة يدي ورقة كنت قد كتبت عليها مجموعة من الأعمال، التي
يجب علي القيام بها في تلك الصبيحة الضيقة..أجل هي كذلك..فلا
تستغرب أبدا، لأنك إن جمعت أيام فصل الشتاء بأكملها فلن تتحصل إلا
على شهر واحد من أيام فصل الصيف الطويلة.
بدأت أحداث تلك الدراما مع بداية فتح المكتبة أبوابها التي انتظر الطلاب
فتحها مدة النصف ساعة على أقل تقدير ( 08.30 )، حيث تسارع
الجميع لدخولها أولا وإعارة الكتب باكرا، فتجد من قام بتسجيل غياب
في الحصة الصباحية الأولى ليستعير كتبا خارجية تساعده على الفهم،
وتجد من توجه إلى المكتبة أولا بدلا من ذهابه لعمله...وبغض النظر
عن من جاء أولا فالجميع مستعجل في أمره ولديه أشغال أخرى عليه
القيام بها...وهناك من أتى ليبحث عن عناوين الكتب في جهاز
الكمبيوتر..مثلي..
دخلت المكتبة لأستعير كتابا ما حول الاقتصاد الكلي، فوجدتها تعج
بالطلبة، منهم الجالسون على الكراسي المحدودة و منهم الواقفين. اتجهت
نحو أجهزة الكمبيوتر المزودة ببرنامج للبحث التلقائي عن أرقام الكتب
حسب عنوان الكتاب أو اسم مؤلف الكتاب أو دار النشر، ولكن الأمل في
استخدامه كان ضعيفا جدا لأنعددا من الطلبة بصدد استعمالها وعدد آخر
ينتظر استعمالها أيضا. لذلك لم أتجرأت على الانتظار، فلم يكن لدي
خيار آخر للبحث سوى البحث في قوائم عناوين الكتب المعلقة خارج
المكتبة مع هبوب نسمات البرد اللاسعة.
بعد أن أمعنت النظر في القوائم وتتبعت ذلك العدد الهائل للعناوين، وبعد
أن عانيت من تداخل الرؤية من حين لآخر حتى استغرقت في ذلك
نصف ساعة تقريبا، والساعة تقريبا ( 09.00 )، عاودت الدخول إلى
المكتبة واقتنيت من علبة القصاصات قصاصة وكتبت مرجع الكتاب
الذي أود إعارته ولكن قبل أن أضع بطاقتي والقصاصة تلك، سألت
إحدى الطالبات اللواتي كن متجمعات في المكان ذاته قائلة: " منذ متى
وأنت تنتظرين " فأجابتني قائلة: " منذ أن فتحت المكتبة وأنا أنتظرهم
أن يجلبوا لي الكتب التي طلبتها، فأنا أول من طلب إعارة كتب بين
هؤلاء "، فنظرت إلى أولائك وإذا بهم كثيرون جدا، والقائمون على
انجاز عملية الإعارة قليل جدا حتى أن محافظ المكتبة يعمل معهم لسد
فراغ عمال آخرين، عندها أدركت أنني إن انتظرت في المكتبة فلن أنهي
بقية الأعمال التي برمجتها لتلك الصبيحة، فانسحبت من ذلك المكان وأنا
أجر أذيال الخيبة آملة أن يأتي يوم ويتحسن حال الإدارة الجزائرية
فيوضع العامل المناسب في المكان المناسب، ولكن لن يحدث ذلك إلا
عند امتلاء المساجد بالمصلين في أوقات الصلوات الخمس.
الحالمة كرافسة