وريقات ثورية
فقه السلطان والفقه المضاد
بقلم : فاطمة الخليل
يرجع تاريخ فقه السلطان والفقه المضاد إلى عصر معاوية بن أبي سفيان , حيث كان دور فقيه السلطان أن يبرر للحاكم ويرفع من شأنه , لتغدو إرادته من إرادة الله , وقد ساد في عصر بني أمية الفقه الجبري وترسخ في عقول الناس.
فيما كان على الطرف المضاد فقه آخر يعمل في الخفاء , ويمثل جموع العامة أو الجماهير في اللغة المعاصرة , فساد هذين المسارين إلى اليوم , وكلامها كان يستمد شريعته ومشروعيته من القرآن والسنة النبوية , رغم التباين والتناقض الظاهر بينهما في الرؤى والأفكار , ومع هذا نجد أن كل فريق قد وجد سنداً قوياً يدعم فكرته في القرآن .
وتزاحم في الساحة العربية والإسلامية هذين الفقهين , فيما كان انتصار فقه على آخر يتمثل في تبني الدولة لأي منهما .
ونجد أنه في عصر العباسي وخلال خلافة المأمون قد سادت نظرية الاعتزال أو الاختيار , بل وفرض هذا المذهب على الناس جميعاً كمذهب وحيد , فيما نرى في ذلك الحين المذهب الحنبلي يمثل الموقف الثوري المضاد للسلطة , وحدث انقلاب آخر في سياسة الخلفاء العباسيين , ليسود مذهب أبن حنبل في عصر المتوكل , ليبدأ معه التنكيل في الطرف الآخر, الذي لم يستطع أن يرسخ قاعدة شعبية له , فظل حكراً على قصور السلاطين , وتم إحراق كتبهم .
ليظل فقه السلطان والفقه المضاد إلى اليوم يحكم رؤيتنا لإسلامنا .. ولتظل هذه الآلية تتحكم في البلدان العربية والمسلمة , التي تدعى أنها تمثل الإسلام وتحارب بسيفه , وخير مثالين دولة
آل سعود في الجزيرة العربية , ودولة بني فارس التي تمثل
آل البيت كما تنادي , حيث يسود مذهب آل البيت في إيران ويسود المذهب الوهابي في الجزيرة العربية .
وهنا يحضرنا سؤال كبير قد لا نجد إجابة له اليوم وهو : إن كان المذهب الوهابي هو الحق من ربي فأين يقف المذهب الشيعي بكافة أطيافه , الذي يدعي غيرته على آل البيت والثأر لدم الحسين رضي الله عنه حفيد رسولنا الأكرم .. وأين يقف الإسلام الحقيقي من كل هذا ؟؟؟
!!!
واليوم نحن أحوج ما نكون لأن نحرر القرآن من هذين الرأيين , اللذين تحكما في أمة الإسلام أجمع , وفي زخم هذه الثورات علينا أن نحرر القرآن والإسلام من النظرية الأحادية للأشياء والكون , وأن نتخلى عن نظرية الفرقة الناجية سواءً كانت من آل البيت أو آل سعود , وحينها فقط سنحرر الإنسان المسلم حقيقة .
.
ونجد خير مثال ما حدث في عصر الثورة الأوروبية على الكنيسة في العالم المسيحي , وقد ثارت الشعوب على سياسة بابوات الكنيسة وأعلن الانقلاب على كل هذا , بعد أن أحرق الكثير من العلماء والمخترعين والأبرياء , لأنهم فقط يعارضون رؤية الكنيسة للخلق .
واليوم في عالمنا العربي نقف عند هذا المنعطف التاريخي ذاته , ليتردد السؤال نفسه في أعماقنا : هل الكفر بكل ما يقوله البابا ويؤمن به هو كفر بالدين المسيحي والإنجيل ؟؟؟!!!
واليوم أقول : أن الكفر بكل ما يقوله فقهاء الفريقين معاً , ليس كفراً لا بالإسلام ولا بالقرآن ولا بالسنة النبوية .
وكل ما علينا أن نقوم به هو أن نحرر القرآن من تلكم النظرتين , ليغدو لنا القرآن دستور ثورة وتغيير وحياة , ٍوأن لا نقيده بأي وجهة نظر بشرية , وأن لا نحصره في سياسة أي بلد كان , فرسالة الإسلام تعني البشرية أجمع , وهي رسالة جلية وواضحة منه جل وعلا لكل ذا بصيرة وبصر.
واليوم .. اليوم يجب أن نقف مع أنفسنا والعالم ونقول : أن الكفر بهكذا عمائم , تزايد على الكثير مما نحلم به ونصبو حقيقة إليه ,
ليس كفراً لا بالإسلام ولا بالقرآن .
فقد أعطانا الله هذه الرسالة الربانية كي نسمو بها , لا أن نصنع منها قيداً آخر , تدفعنا لأن ننسى أننا كنا خير أمة أخرجت للناس .
لقد حان الوقت أن نحرر أنفسنا وأوطاننا , وأن نجعل القرآن دستوراً نحتكم إليه في كل مفاصل الحياة .. دستوراً أنشد فيه أول ما أنشد إنسانيتي وحريتي وكرامتي , لنعود تلك الأمة التي كانت ولازالت خير أمة أخرجت للناس أجمعين .
كتائب الفتح المبين
عند النشر أو الإقتباس يرجى الإشارة الى موقع أنصار الشهيد القائد صدام حسين
فاطمة الخليل ... فقه السلطان والفقه المضاد
تاريخ النشر : السبت 26-02-2011 03:47 مساء